الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

حسين خوجلى وعصر الليمون

                                                                        



حسين خوجلى وعصر الليمون
كان معيار السودانيين فى السابق وحتى وقت قريب لوصف شخص  لئيم أو فعل "مر" لا يطاق بأنه حامض مثل (الليمون)، فالسودانيين على المستوى الأجتماعى البسيط فى غالبهم لم يعرفوا شيئا (مرا) أكثر من الليمون (الحامض) ولذلك لم استغرب حينما سمعت أخواننا المصريين يصفون حالة اضطرارهم للتصويت بعد ثورة 25 يناير لصالح مرشح الأخوان المسلمين (محمد مرسى) امام منافسه (أحمد شفيق) المحسوب على نظام مبارك بأنه مثل (عصر الليمون)، حيث لا يمكن أن يمنحوا صوتهم (لأحمد شفيق) وهو آخر رئيس وزراء فى نظام (مبارك) وعمل وزيرا للطيران فى نظامه لسنوات طوال وفى ذات الوقت كان صعب عليهم وهم يعلمون سوء (فكر) الأخوان المسلمين  وعدم علاقتهم بالثوره التى رفضوا المشاركه فى بدايتها ولم يلتحقوا بميادينها الا يوم 28 يناير اى بعد ثلاثة ايام وبعد اعلان الجيش انحيازه لشعبه وعدم تعرضهم له بالعنف والأذى  .. والأخوان المسلمين نعم كانوا معارضين لنظام (مبارك) من وراء حجاب لكنهم كانوا جزءا من ذلك النظام ولهم احاديث موثقه ومسجله كانت تمجد رموز النظام ولا ترفض توريث (مبارك) لأبنه (جمال)، وذلك احد اهم اسباب اندلاع ثورة 25 يناير.
الشاهد فى الأمر أن حالة (عصر الليمون) هذه تحدث خلال هذه الأيام للسودانيين الذين يلوكون الصبر ويكتمون غيظهم ويعصرون الليمون تارة مما يسمعونه من احاديث وتصريحات من أخوان يغيرون جلودهم كما تفعل الأفاعى ويريدون أن يظهروا على المسرح السياسى من جديد بدلا من الأعتراف بالخطأ وتحمل المسوؤليه واعتزال العمل السياسى والأنزواء ، أما (عصر الليمون) الحامض الذى يفوق الحدود وفى وقت لا يسمح فيه لصوت وطنى ومعارض حقيقى نزيه قاوم النظام منذ ايامه الأولى، ليتحدث على القنوات الفضائيه الرسميه أو الخاصه  فيضطر السودانيون لمتابعة أحاديث (حسين خوجلى) ابن نظام الأنقاذ (المدلل) و(الملمع) الذى ينتقد نظامه هذه الايام محاولا اداء دور الناصح والمصلح و(المعارض) لنظام بعد 25 سنه  من الأنكار متحدثا عن ان كل شئ فعلته الأنقاذ سئ وأن جميع الوزراء والمسوؤلين الذين أتت بهم الأنقاذ سئين ما عدا شخص واحد، ملاك وولى ونبى بل اله وهو  (رئيسه) ورئيس النظام (عمر البشير)، السئ فى كل شئ حتى نظرات عينيه الماكره وعباراته الليئمه المسيخه التى تفوق (الحنظل) مرارة ولا تصل الى درجة حماضة (الليمون) .. ومن عجب أن حسين خوجلى كثيرا ما يختم حديثه بعباره (ما نحنا عندنا قنابير) .. ونحن نردد معه كذلك (ما نحنا عندنا قنابير).
حقيقة الأمر أن الأنقاذى (الكوز) حسين خوجلى يريد أن (يركب) دور المعارض النزيه والشريف بعد 25 سنه من الفساد والقتل والأباده والتعذيب والأقصاء والتشريد والتشرزم والأنقسامات التى حدثت فى الجسد السودانى وبعد  الأنفصال (المر) للجنوب العزيز عن شماله وللأسف لا زال (حسين) والذين مثله يتحدثون عن (الجنوب) حسرة على ضياع ايرادت النفط لا من زاوية المشاعر والروابط والصلات انسانية والوشائج والذكريات القديمه بكلما فيها من احزان وافراح وأبتسامات ودموع  ورغم كل ما صاحبها من ظلم وأضطهاد وعنصريه واقصاء وتهميش .. بعد 25 سنه من الصمت الجبان وذلك الهدم والتدمير فى الأنسان السودانى قبل تدمير المشاريع والمؤسسات والمبامى والحيطان وطمس ثقافة شعب كان من أعظم شعوب العالم خلقا وأدبا، أخيرا  فهم حسين خوجلى حقيقة أكذوبة (انقاذه) واصبح يتحدث عن سوءها وكأن الأنقاذ (شخوص) لا (منهج) لا زال هو وغيره يؤمنون به ويرونه صالحا للحكم بل جروا الى جانبهم عدد من الأرزقيه والمأجورين امثال (أحمد بلال عثمان) .. وحسين خوجلى هو أحد الأسلاميين القلائل الذين كانوا يعرفون تاريخ الأنقلاب على الأقل قبل اسبوع من وقوعه وقد ذكرت من قبل انه اشار الى تاريخ الأنقلاب بالتحديد يوم 23 يونيو 1989 واشار اليه فى مقدمة الصفحة الأولى من صحيفته (الوان) وكتب يالنص مقالا صغيرا هاجم فيه محمد عثمان الميرغنى قائلا "تبقى من 30 يونيو أسبوع واحد " .. ولمن لا يعلمون فأن (محمد عثمان الميرغنى) الذى باع شعبه الآن مثلما فعل (الصادق المهدى) كان يهاجم من قبل (الأسلاميين) لأنه اتفق مع ابن السودان البار الراحل المقيم (جون قرنق) على اتفاقية سلام كان من المفترض أن توقع يوم 4/7/1989 أى قبل انقلاب الأنقاذ المشوؤم باسبع واحد ..  وما يفعله حسين خوجلى هذه الأيام دليل على مكر وخبث وسوء النظام الذى احتكر كل شئ فى السودان حتى الهلال والمريخ وبرنامج أغانى وأغانى ومجال الفن والطرب ولم يتبق لهم غير أن يفتحوا بيوت (هوى) لطلاب المتعه  ويضعوا عليها لافتة تسئ أكثر للأسلام يكتب فيها  (بيوت متعه أسلاميه) رغم انهم لم يقصروا فى افساد الشارع حتى اصبحت دار رعاية الطفوله فى المايقوما لا تسع الأطفال الأبرياء ابناء (الله) ولم يقصروا بسبب عقدهم  المزمنه فى اغتصاب (الطفوله) البرئيه فى المدارس والأحياء وحينما تهاوى النظام وبدأ يترنح وأفلست خزينته التى يشترى بها العملاء والمأجورين والأرزقيه والولاة والتابعين والمؤلفة قلوبهم  .. وبعد أن صنف السودان ضمن أفقر وأفشل دول العالم لعدد من السنوات بل جاء فى مقدمتها الى جانب الصومال لم يهن على حسين خوجلى وزمرته أن يسمح النظام لأعلامى معارض من خارجهم يثق فيه الناس لكى يقوم بذلك الدور من أى حزب أو حركه وانما اضيئت الأشارة خضراء لحسين خوجلى الذى يعرف من اين تؤكل الكتف ولذلك لم يثر أو يغضب أو يقلب الطاوله فى وجه من منعوا احد زملائه ورفاقه من المواصله فى تقديم برنامج (حوارى) على قناته استضاف فيه السياسى الأنقاذى (غازى صلاح الدين) والصحفى الأنقاذى (عثمان ميرغنى) .. وفى مصر المجاوره لنا تقدم مثل ذلك البرنامج عشرات البرامج يوميا، وكلما فعله حسين خوجلى انه جلس على ذات الطاوله التى كان يقدم منها ذلك البرنامج الذى منع، فاذا كان الأمر كذلك فعن اى حسنات للبشير يتحدث حسين خوجلى ويدعى بأسم كآفة أهل السودان أنه مقبول ومتفق عليه لأدارة المرحله المقبله وهو اسوا شخصيه سودانيه على الأطلاق ودون منافس ولا يمكن أن يقارن (بهتلر) فى السوء.
ومن تقليعات حسين خوجلى (الحالم) كما وصف ماركس رفيقه (هيجل) أنه اصبح يتحدث عن هذه الأيام  مرة عن الأتحاديين وحزبه الأمه والمؤتمر الوطنى والشعبى بكل خير وكذلك يتحدث عن الختميه والأنصار والحركه الأسلاميه (الأخوان المسلمين) بكل خير ولا ينسى الشيوعيين وحركات المقاومه الثوريه المسلحه بنصيب مما يجود به من كلام معسول و(منفق) أى حديث نفاق منمق، مبشرا بأنهم يمكن أن يتوافقوا جميعا كسودانيين متناسيا أن (التغيير) هذه المره حتى لو تأخر لمائة عام فلن يكون مثل السابق أو حتى قريب منه واذا حدث اى توافق لا يراعى ذلك فأن حركات جديده سوف تظهر على السطح ولن ينتهى الأقتتال والأحتراب.
ومما يثير السخريه والغثيان ان حسين خوجلى المروج للأنقاذ ولا يزال يروج مهما غير جلده وطريقة حديثه  والذى أكتشف سوءها بعد 25 سنه،  ذلك السوء الذى اكتشفه العقلاء والأذكياء والشرفاء منذ اول يوم لبيان (البشير)، كذلك اكتشف بعد 40 سنه عظمة الأستاذ الشهيد محمود محمد طه وفكره الذى لم يتركوا سبيلا لتشويهه والأساءة اليه بالكذب والباطل وحينما كانوا يفعلون ذلك خلال ندوات ومحاضرات واركان الجمهوريين وقد كنا رفاق دراسه لأغلبهم فى المراحل التعليميه المختلفه وكنا مبهورين ومعجبين بالفكره الجمهوريه وبطرحها الأسلامى (العصرى) الجديد  الذى حبب لنا (الأسلام) وغير لنا كثير من المفاهيم العتيقه وجعله صديقا للأديان والأفكار المختلفه ، مثلما كنا ماسورين  ومتاثرين بصاحب الفكره الأنسان العالم المثقف الزاهد التقى الورع وكنا نظن وقتها اننا ندافع عن منتسبى الفكره أمام عنف الأسلاميين من أخوان ووهابيه وأدعياء تصوف كان (حسين خوجلى) وقتها ورفاقه يرون (الجهاد) فى العنف بالجمهوريين ومضائقتهم والاساءة اليهم وتشويه صورتهم بالباطل.. رغم كل ذلك يصر حسين خوجلى الذى يفهم الأمور دائما متأخرا بثلاثين سنه بانه مفكر ومصلح اجتماعى، بل ما هو مؤسف أن البعض فى جهالة يعتبرونه مفكرا ومثقفا يستحق الأعجاب .. وما يجهله هؤلاء أن (اللماضة) وفصاحة اللسان وطلاقته لا تعنى أن ذلك الأنسان مفكرا ومثقفا، فحتى (على بن ابى طالب) وعلى جلال قدره وعلمه وزهده وورعه وعدم سجوده للأصنام التى سجد لها علية (القرشيين)، كان معاويه وأنصاره حينما يزمونه يقولون عنه (زنديق كافر ما افصحه)!
أخيرا يا حسين خوجلى بدلا من الخداع واللف والدوران، واذا كنت شجاعا فالنقد يجب أن يوجه لرئيس النظام لا الى الذيول والتبع، فما فسد قوم الا لفساد (رئيسهم) وما فشلوا الا لفشله .. واذا كنت شجاعا، قبل التوافق على حكومة وحده وطنيه، طالب بفتح القنوات التى يحتكرها النظام لشرفاء الأعلاميين والصحفيين حتى تتعرف أنت قبل غيرك على سوء وفساد نظام شاركت فيه ولولا ذلك لما وصلت الى ما انت فيه من حال فى وقت لا يجد فيه من هم أفضل منك علما وثقافة ووطنية قوت يومهم!!
تاج السر حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق