الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

(6) خطر الأسلام السياسى على قضية المواطنة والديقراطيه

الجزء (6) خطر الأسلام السياسى على ثضية المواطنه والديمقراطيه - مصر نموذجا.


ما هو موقف  شريعة القرن السابع من الديمقراطية وهل تعترف بها؟
القيادى السابق فى جماعة الأخوان المسلمين (ثروت الخرباوى)، ادلى بمعلومات خطيره فى هذا الجانب قال فيها  أن عدد من قيادات الأخوان الحاليين وفى مقدمتهم المرشد د.(محمد بديع)، كانوا قد بائعوا من قبل (شكرى مصطفى) وهو من قيادات الجماعات الأسلاميه (التكفيريه) التى ارتكبت جرائم ارهابيه وقتل ترويع فى عصر السادات، وكان يعمل لدولة الخلافه.
الآن يتحدثون عن الديمقراطيه مخادعين، وهم فى حقيقة الأمر لا يعترفون بغير الشورى و(ألأمامه) ودولة (الخلافه)، التى تجعل من مصر مجرد ولايه فى دوله اسلاميه عاصمتها القدس وبالطبع سوف تجر من خلفها السودان، اذا بقى البشير ونظامه الأسلامى فى سدة الحكم.
والديمقراطيه عند المتشددين أو من يسمون (تيارات الأسلام السياسى) لا تختلف عن الأنقلاب العسكرى مجرد (سلم) يوصلهم للسلطه ثم يرمونه بعد ذلك، ويعملون بكل السبل للبقاء فى السلطه والأحتفاظ بها لمئات السنين، مستخدمين كآفة الوسائل، الأغراء والترهيب والعنف والقتل والبطش والتعذيب والأباده وشراء الأرزقيه وضعاف النفوس، كما حصل فى عصر بنى أميه، أو كما حدث عندنا فى السودان الذى اباد فيه المهووسين  أكثر من 2 مليون من أهل الجنوب.
فى حقيقة الأمر لا يوجد مثال واحد يمكن أن يعتبر نموذجا طبق (الشريعه) الأسلاميه وكان ناجحا وباسطا للحريات ومحققا للديمقراطيه والعداله الأجتماعيه، ففى افضل العصور كانت ثقافة الأسترقاق والأستعباد والجوارى والأيامى، معمول بها ، بل لا زالت تعمل بها بعض الدول وأن كان فى (الخفاء) بصورة غير رسميه بناء على ما ورثته من تلك الدوله الأسلاميه التى كانت تطبق الشريعه.
ومفهوم التدوال السلمى للسلطه فى الدوله الحديثه، لا مكانة له فى ادبيات هؤلاء المهووسين، فهذا الأمر يعنى عندهم تمهيد الأرض للأحزاب العلمانيه والليبراليه (الكافره) لكى تحكم، ويمنح الأفكار التى لا تتاجر بالأسلام (مثلهم)  لكى تعبر عن نفسها وتخرج الشعوب من الظلام ومن الخوف المفروض عليهم ومن قبضة الأسلاميين، فتستيقظ تلك الشعوب وتنتفض وتعرف الحق والأفكار النيره التى تعمل من اجل مصلحتها ورفاهيتها فيختاروا حكاما ونوابا من غير (الأسلاميين) ولذلك فأنى اتوقع أن تكون (الثورات) القادمه فى المنطقه، على (الأسلاميين) مهما طال امدها، بعد أن تتعرف الشعوب على اكاذيبهم ومتاجرتهم بالدين والشريعة.
والحاكم الديمقراطى يتيح لكآفة الأحزاب والأفكار مساحات متساوية فى اجهزة الأعلام مثل التى تتاح لحزبه لا ان يقمعها ويصادر صوتها ويمنع وصولها لآذن الشعب ولدماغه، ومن يفعل ذلك ليس من حقه أن يتحدث عن ديمقراطيه وعن تبادل سلمى للسلطه عن طريق صندوق الأنتخابات، كما يفعل الأخوان المسلمون الآن فى السودان وكما تفعل كآفة الأنظمه التى تتدعى التزاما بمرجعية دينيه، ما عدا تركيا التى قال رئيسها انه (مسلم) فى دولة علمانية.
ومن ثم أطرح السؤال من جديد، هل تعترف الشريعه الأسلاميه بالديمقراطيه كوسيلة للحكم؟
الآجابه كلا والف كلا.
فكلمة (الديمقراطيه) عند الأسلاميين مرفوضة وغير مستساغة، بداية من اسمها القادم من الغرب، مع انهم يحصلون من الغرب على كل شئ، حتى امنهم حينما تضيق بهم الأنظمه الديكتاتوريه فى دولهم وتسعى للبطش بهم والتخلص منهم.
أحد (السلفيين) الأذكياء المدرك للتفاصيل وللتمييز الدقيق بين الديمقراطية و(الشورى)، قدم اقترحا للجمعية التى تعد الدستور فى مصر قال فيه أنه يطالب بتعديل المادة التى تتحدث عن ديمقراطية الدوله، لكى تصبح (مصر دوله ديمقراطيه مرجعيتها الشورى)، فلماذا قال ذلك؟
قال ذلك لأنه يعلم جيدا أن الشورى لا علاقة لها بالديمقراطيه، التى لا تعترف بها الشريعه.. والديمقراطية تختلف اختلافا اساسيا وجوهريا واضحا عن الشورى، ومكابر من يدعى بأن (الشورى) افضل من الديمقراطيه، ودعونا نشرح ذلك لنعرف أيهما الأفضل والأصلح لأنسانية هذا العصر.
تعريف الديمقرطيه فى ابسط صوره، يعنى حق (الخطأ) .. والديمقراطيه تعنى حكم الشعب بواسطة الشعب، وتقوم اعمدتها الرئيسة على بناء مؤسسات للدوله تنفيذيه وتشريعيه وقضائيه، منفصله عن بعضها البعض، لكن للقضاء فى درجه من درجاته اذا كان (عال) أو (دستورى)، الحق فى الفصل فى القضايا الخلافيه أو غير الدستوريه، وهذا لا يعد تدخلا من سلطه فى عمل سلطة أخرى.
ولولا ذلك فكيف يحاكم وزير فاسد وكيف يحل برلمان غير شرعى، وهل يترك لمجلس الوزراء محاكمة وزرائه، أو للبرلمان حل نفسه بنفسه أو اسقاط عضوية أحد أعضاء البرلمان اذا ثبت تزويره للأنتخابات؟
وممارسة الديمقراطيه فى اى مجال سياسى أو رياضى أو خدمى أو أجتماعى، تقوم على طرح الأمور على اصحاب الشان جميعا، البرلمان نائبا عن الشعب الذى انتخبه، والمجالس المختلفه نيابة عن الجمعيات العموميه التى تنتخبهم، وبعد أن يستوفى الأمر حقه من النقاش يطرح ذلك الأمر للتصويت، على اساس صوت واحد للعضو الواحد، وتلتزم الأقليه بما وافقت عليه الأغلبيه حتى لو كان يتعارض مع فكرها ووجهة نظرها، وفى الدول المتقدمه، لا يعنى أن تمرر الأغلبيه المنتمية للحزب الحاكم اى قرار من الحكومه مستخدمه الأغلبيه (الميكانيكيه) اى كثرة المؤيدين لذلك القرار داخل البرلمان، ولا يعنى أن تقف المعارضه ضد أى قرار صادر من الحكومه، بل كثيرا ما ترفض الأغلبيه قرار الحكومه التى تمثلها اذا لم يتوافق مع مصلحة الشعب، وأحيانا توافق المعارضه على قرار للحكومه اذا رأت فيه مصلحة للشعب والوطن، حتى لو كان ضد مصلحة حزبها.
اما (الشورى) التى كانت نظام حاكم صالح وسائد فى القرن السابع، الخارج من مجتمع قبلى غليظ ، القوى فيه يفرض رؤاه على الضعيف (طوعا أو كرها)، وما كان ذلك المجتمع الأسلامى مهيأ لأن يحكم (ديمقراطيا)، لكن (الشورى) استفذت غرضها تماما، واصبحت غير صالحة لأنسانية هذا العصر، بأى حال من الأحوال لأنها كانت تقوم على مبدأ قبلى وترسخ لنظام ديكتاتورى وسلطوى وشمولى وفوقى، ومن قبل ذكرنا أن المبرر الثانى الذى الذى رجح فوز (ابو بكر الصديق)، بعد تكليف الرسول له ، للصلاة بالناس عند مرضه أو غيابه، هو انتماءه لقبيلة (قريش) كما قال (عمر بن الخطاب)، فالبعض قال، لقد ائتمنه الرسول على ديننا افلا نأتمنه على دنيانا، واضاف عمر لأيقاف الخلاف الذى احتدم بين الأنصار والمهاجرين، بأن أمر الزعامه والسدانه كان دائما بين القرشيين، مما يعنى أنهم الساده ولذلك لابد أن يكون الحاكم من بينهم بناء على ثقافة ذلك العصر وأعرافه.
الشورى هل هى ممارسة ديمقراطية وما هو الفرق بين الأثنين؟
تعريف (الشورى) ببساطة هو ((حكم الولى الراشد للتبع القصر)).
تقول الآيه ((وأمرهم شورى بينهم))، وآلية تنفيذ تلك الشورى، نجدها فى الآيه ((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين))، وللمزيد من التوضيح نقول أن الشورى تعنى أن الحاكم الذى يبائع على المنشط والمكره تحت ظل شجره أو راكوبة أو خيمة قبل ظهور القصور الجمهوريه، ولا يأتى عن طريق الأنتخاب، يصبح حاكما طيلة حياته لا يعزل حتى لو افسد وظلم، ولذلك رفض (السلفيون) فى مصر فى بداية الثورة المشاركه فيها لعزل (مبارك)، وأصدروا فتاوى تحرم تلك المظاهرات، ويقوم الحاكم (المبائع) بتعيين مجلس من اهل الدين وأعيان الأمه يسمى (اهل الحل والعقد) ومن عدد معين واذا كان خليفة واماما عادلا سوف يسعى قدر استطاعته أن يكون ذلك المجلس من افضل شخصيات الأمه، لكن بالطبع وكبشر لابد أن يتاثر الحاكم بمكانة القبيله فى المجتمع وكثرة عددها وقوتها، اضافة الى مكانة الأفراد الأقتصاديه والأجتماعيه حتى لو لم يكونوا من اصحاب الخلق والألتزام الدينى القويم.
على كل هذا المجلس يعاون الحاكم فى ادارة الدوله، بطرحه للأمورعليهم، وبعد أن يجرى الحوار حول تلك الأمور من حق الحاكم أو الأمام أن يعمل بما اشاروا به عليه، ومن حقه أن يتخذ ما يراه مناسبا لوحده، مسترشدا بما جاء فى الآيه التى ذكرتها: (فاذا عزمت فتوكل).
فا ذا كانت هذه آلية ممارسة الحكم عن طريق (الشورى)، فهل يعقل أن تكون افضل من الديمقراطيه التى أزهى صورة لها فى عصرنا الحديث ما هو مطبق فى (الغرب) مع أعترافنا بنقصانها وعدم اكتمالها، لقلة وصول (المفكرين) للحكم بعد، حيث لا زال الحاكم ياتى من الجيش فى الدوله المتخلفه، والحاكم تأتى به (اللوبيات) الأقتصاديه، فى الدول المتقدمه، لكن مسيرة الديمقراطيه ماضيه فى طريقها وسوف يأتى اليوم الذى يحكم فيه المفكرين، فتزول كثير من قضايا الظلم، وتقدم الديمقراطيه فى شكلها القريب من الكمال.
للأسف يظن الأسلاميون ويعتقدون خاطئين أن (الشورى) هى حكم الله ولابد لهم من العمل بها حتى لو كانت غير مناسبة لأنسانية العصر، وكأن (الديمقراطيه) ليست من عند الله، ولن يرضى عنها أو كأن الناس يفرضونها غصبا عن (الأله) تنزه وعلا، مع أن (الديمقراطيه) مطلوبه دينيا وموجوده فى القرآن لكنهم (مقولبين) ولا يريدون أن يستخدموا عقولهم ويفهموا الآيه الداله على ذلك والتى تقول: (فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر)، وهذه الآيه تؤكد الا شئ أسمه الولى الراشد الذى يحكم تبع وقصر، وليس من حقه أن يسيطر على قرار الدوله، أنما يذكر فقط بما يراه صحيحا.
وأية أخرى تدل على التعدديه الحزبيه لا حزب واحد ومجلس شورى أو احزاب توالى كما فعل الترابى، تلك الآيه تقول (ولو شاء الله لجعلم امة واحده).
والأله العادل، شاء أن يجعل الناس ليبراليين وعلمانيين واشتراكيين، ومحافظين ويمين ويسار، ولا شئ اسمه (اسلاميين) و(كفار) فى مجال السياسه والتنافس على السلطه، فالأسلام ينافس ويصارع الأديان السماويه الأخرى وغير السماويه، ودوره مثل باقى الأديان أن يؤدى الى ابراز مجتمعات تلتزم بالقيم وتتحلى بألأخلاق الفاضله، حتى تصبح السياسه منافسه شريفه لا (لعبة قذره) كما تعرف.
والمنطق يقول، هل يعقل أن يتصارع (شاعر) مع لاعب مصارعه ؟ أو ملاكم مع لاعب (تنس)، هذا المثل يشبه تماما صراع (الأسلاميين) مع الأفكار السياسيه الأنسانيه، الليبراليه والعلمانية والأشتراكيه.
فالأنسان المتدين أى كان دينه، مسلم أو مسيحى، يمكن أن ينضم الى مجموعات تسمى نفسها مثلا حزب (المحافظين) أو (الوسط ) أو (اليسار) أو (اليمين)، وأن تطرح فكرها ذو المرجعية الدينيه دون اقحام لذلك الدين وتفاصيله من شريعة وحلال وحرام، وفى هذه الحاله يمكن أن نجد فى حزب (المحافظين) مسلمين ومسيحيين، يتعاملون مع قضايا السياسه من خلال برامج انسانيه ودنيويه ويتعامل كل منهم مع الدين وفق شريعته واحواله الشخصيه، وفى هذه الحاله يمكن أن نجد المسجد جنب الكنيسه، بدلا من العنف والأرهاب والقتل واراقة الدماء.
وعلي (الأسلاميين) جميعا اذا ارادوا ان ينخرطوا فى تلك الأحزاب المدنيه أن يقروا ويعترفوا بمبدأ (المواطنه) المتساويه بين المسلم والمسيحى والرجل والمرأة وأن يطرحوا برامج انسانيه قابله للنقد وللتصحيح وللمحاكمه والمساءله.
ويمكن أن نجد سلفى أو اخوانى يرشح مسيحيا أو امراة اذا كان يرى بصدق انهما يصلحان لحكم البلاد، ويمكن أن يرشح المسيحى أخوانى أو سلفى اذا كان برنامجه مقنعا ولا يقوم على فرض (شريعته) الأسلاميه على الدوله كلها حتى لو كان فيها مسيحيا واحدا أو لو كانت بالكامل مثل ليبيا لا يوجد فيها شخص يعتنق ديانة أخرى غير الأسلام، هذا قمة العدل وقمة الديمقراطيه التى لا تعترف بها للأسف شريعة القرن السابع ويريد الأسلاميون فرضها على الكون كله لا على دولهم ومجتمعاتهم وحدها.
ومن الغريب والمدهش أن بعض الأسلاميين يضرب الأمثله بحال هذه الدوله أو تلك، أمريكا أو اليونان أو المانيا، ويعيد ويكرر بأنها لا تلتزم بكذا ولا تفعل كذا مع الأقليات المسلمه، وكأنها لو فعلت ما يريد لفعل مع المسيحيين مثلما فعلت تلك الدولة مع المسلمين.
وهذا المثل فيه شعور (بالنقص) وعدم ثقه فى النفس والعجز عن ابداع الأفكار التى يمكن أن تحل مشاكل مجتمعاتنا بل مشاكل البشرية كلها .. فاذا كنا ننتقد الشريعه التى يخشى البعض من انتقادها ونقول بأنها لا تصلح لأنسانية هذا العصر، فهل نخشى انتقاد فكر انسانى من اى جهة كان، وهنا نؤكد بأننا ضد أن يكون فى بلد ما حزب ديمقراطى مسيحى أو اشتراكى مسيحى فهذا تخلف، رغم ادراكنا أن الدول الغربيه تعرف بحكم الثقافة كيف تضع حدود فاصله بين الدين والسياسة، مثلما نرفض أن يكون فى السودان أو مصر حزب (للأخوان المسلمين)، فهذا الحزب أو ذاك من اسمه لا يمكن أن يلتحق به من ينتمى لدين مخالف الا اذا كان منافقا، وهو حزب يختزل الأسلام فى مجموعة من الناس دون غيرهم.
وليس بالضرورة كلما يأتى من الغرب فهو صحيح وسليم حتى لو اعترفنا بأن الديمقراطيه الليبراليه الموجوده الآن فى تلك الدول هى الأقرب للحكم العادل المطلوب.
لكننا نسعى لعالم أكثر عدالة وافضل من ذلك تسوده الحريه والمساواة وأحترام حقوق الأنسان ويسود فيه القانون، لكن ما يعطل الوصول لذلك العالم هو (الأرهاب) والهوس الدينى ، فأهل ذلك الغرب من ميزاتهم أنهم يميلون سريعا للحق ويلتزمونه اذا قدم لهم فى طبق (نظيف) لا كالطبق الذى قدم فى 11 سبتمبر أو فى سفارة امريكا فى بنغازى .. ونحن نسعى لذلك قدر وسعنا لكى نساهم ولو بقدر قليل فى تمهيد الأرض، لعودة المسيح (المخلص) من أى جهة وعلى أى صورة فيغنينا عن الرهق، ويتغير الكون بنزوله، ويزيل الغل والأحقاد من القلوب والوهم  والسخافات من العقول وينتشر الأمن والسلام والتسامح ويسود العدل والحب حتى يلعب الطفل مع الحيه فلا تؤذيه ويرتع الحمل مع الذئب فلا يأكله، ويصبح العالم اكثر خضرة وأكثر جمالا. فكما قال العارفون أن البئيه تتغير بتغير النفوس، وأكد ذلك القرآن :(لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
ونحن لا نعمل لأرضاء هذه الجهة أو تلك أو دوله من الدول أو نظام من الأنظمه، نحن نعمل قدر استطاعتنا لعالم حر متمدن، وكما قال الشهيد الأستاذ / محمود محمد طه:(( الأنسان الحر هو الذى يفكر كما يريد ويقول بما يفكر ويعمل بما يقول، ثم لا تكون نتيجة قوله عمله الا خيرا بالأحياء والأشياء)).
حكى لى أحد الأصدقاء، فى احدى جلسات الأخوان الجمهوريين، لاحظ الأستاذ (محمود) لأحد تلاميذه، وقد أمسك (بنمله) و ضغطها بيده (فركها) حتى ماتت، فقال له الشهيد، ما هذا الذى فعلته يا (ع) ؟ فرد عليه تلميذه،  عضتنى (قرصتنى) يا استاذ، فقال له الشهيد (لكن انت ما قتلتها (كتلتها)؟!
وحكى د.خليل عثمان حينما كان فى السجن معتقلا مع الشهيد قبل اعدامه فى مكان واحد، بأن د. خليل، طلب من اهله أن يأتوا له فى الزيارة القادمه (بكوز) ماء جديد، وحينما احضروه، رمى بذلك (بالكوز) القديم، فرفعه الشهيد من الأرض وقام بتنظيفه ووضعه فى مكانه، وقال لدكتور خليل (الكوز ده خدمنا طيلة هذه الفتره هل معقول نعمل معه زى ده)؟
انظر الى هذا الفهم العميق والشعور الأنسانى مع النمل الكائن (الحى) ومع الكوز (الجماد)؟
فهل مستغرب من مثل ذلك الأنسان قول مثل الذى جاء فى لوحة أسمها (خلق الجمال) قال فيها: ((نحن نبشر بعالم جديد، وندعو إلى سبيل تحقيقه، ونزعم أنا نعرف ذلك السبيل، معرفةً عملية، أما ذلك العالم الجديد، فهو عالمٌ يسكنه رجالٌ ونساءٌ أحرار، قد برئت صدورهم من الغل والحقد، وسلمت عقولهم من السخف والخرافات، فهم في جميع أقطار هذا الكوكب، متآخون، متحابون، متساعدون، قد وظفوا أنفسهم لخلق الجمال في أنفسهم وفيما حولهم من الأشياء، فأصبحوا بذلك سادة هذا الكوكب، تسمو بهم الحياة فيه سمتاً فوق سمت، حتى تصبح وكأنها الروضة المونقة، تتفتح كل يوم عن جديد من الزهر، وجديد من الثمر)),
ومن ثم نسأل .. هل شريعة القرن السابع عادله مع المسيحيين أو معتنقى الديانات الأخرى؟
المسيحى كنموذج لمعتنقى الديانات الأخرى يحظى بقدر افضل حالا فى التعامل من قبل تيارات الأسلام السياسى، لكن هذا التعامل (تكتيكى) لا مبدئى، أى حتى يأتى الوقت الذى ينتصر فيه الأسلام ويسود على العالم كله كما ينتظر (الأسلامويون) وعندها لن يسمح بالوجود  فى الحياة لغير المسلمين وحدهم .. لذلك فهم لا يختلفون مع التيارات المتشدده والمتطرفه اختلافا منهجيا أو جذريا، والخلاف كله فى ان من يظهرون الأعتدال الآن يرون أن الوقت لم يحن بعد لذلك العمل الجهادى، وأن هؤلاء المتشددين يهددون مشروعهم البعيد المدى للهيمنة على العالم كله.
وعلى كل حال فذلك المسيحى لا يهمه عدل (الشريعه) مع المسلمين الا من جانب انسانى، وأخلاقى وبناء على التطور الذى حدث فى مجال حقوق الأنسان وفى الكون كله حتى اصبح مثل القرية الصغيرة، لكن الذى يهم (المسيحى) بصورة أساسيه عدلها معه وأعترافها به كمواطن يجب أن يحصل على كآفة حقوقه، مثل المسلمين تماما، والا يتم تمييزه بصورة سالبه فى الممارسة السياسة أو فى ممارسته لشعائره الدينيه أو فى تقلده للمناصب العليا أو الدنيا وبخلاف ذلك تكون فى نظره غير عادله وغير منصفه، وهذا ما لاتمنحه له (شريعة) القرن السابع ، قولا واحد، وفى العادة يكون المبرر عند (الأسلاميين) أن المسيحيين اقله فى الدوله الأسلاميه ولذلك فعليهم أن يقبلوا بما تراه الأغلبية المسلمه ويضربون مثلا يقول بأن الأقليات المسلمه لا تتمتع بكامل حقوقها الدينيه والسياسية فى دول الغرب غير المسلمه!
وما هو محير فى الأمر انهم يضيفون الى عددهم كآفة المسلمين من (ليبراليين) وديمقراطيين وعلمانيين ويساريين، فى الغالب لا يتفقون معهم فى رؤيتهم التى تميز المسيحى عن المسلم وتجعل الأول ناقص الحقوق.
اضافة الى ذلك فالمنطق يقول بأن الأديان و الأفكار لا تقاس بمعيار الأكثريه والأقليه وانما بقوة الحق والمنطق، والأغلبية (الميكانيكيه) يمكن أن تحسم المنافسه فى الأنتخابات وتحديد الفائز حزبا أو رئيسا وفق برنامج مطروح للناخبين، يمكن أن يختار من خلاله مسلم أو مسيحى فى الدوله الديمقراطيه.
وحتى لو سلمنا بمنطقهم، ومقارنتهم تلك، فهل يجوز لعاقل أن يضرب مثلا بتصرف وسلوك يحدث فى دولة من الدول ويراه ظالما وغير عادل ثم يحذو حذوه؟
على كل من المعلوم لدينا أن الدين اليهودى الذى جاء قبل المسيحيه كان بصورة عامة مفرطا فى الجوانب الماديه ويقوم على مبدأ القصاص وتقول التوراة (السن بالسن والعين بالعين).
فجاء بعده الدين المسيحى، فكان على الطرف الآخر وعلى النقيض تماما من مادية اليهوديه ومفرط فى (الروحانيه)، ويقوم على مبادئ التسامح، ويقول أنجيله (من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر كذلك)، و(من سخرك ميل فسر معه ميلين) .. وهكذا.
فجاء (الأسلام) بعد الدين المسيحى، (وسطيا) بين الدينين وبين الطرفين، يقول قرآنه (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين). وهذا أفضل معنى لكنتم أمة وسطا.
فمبدأ القصاص متوفر فى الأسلام مثلما هو متوفر فى اليهوديه ف(جزاء سيئة سيئة مثلها) هى ذاتها (العين بالعين والسن بالسن)، كما جاء فى تلك الآيه، والغرض منها الا تنكر على الأنسان (بشريته) وواقعيته التى  ترفض الظلم وتسعى لرد العدوان وأن يقدم الأسلام على نحو عملى لا (نظرى) وخيالى حالم، والعفو والتسامح كذلك موجود كما هو فى الدين المسيحى (فمن عفا)، لكنه زاد على ذلك ولم يتوقف عند حد (العفو) كما تقول (المسيحيه) وأنما أتى بمبدأ اضافى وهو العفو الذى يؤدى (للأصلاح) من يفعله فأجره على الله، فالعفو الذى لا يؤدى للأصلاح هو مثل (الظلم) تماما، يجعل الظالم متماديا فى ظلمه.
يعنى الأسلام بعد أن بدأ فى مكه بطرح فكرته الكليه الشامله و(مشروعه الحضارى) الحقيقى لا (المضروب)، الذى كان يتسم بكثير من الجوانب (الأخلاقيه) كطرح عام (مطلوب) للدين وبتقديم (الصوره) الكامله والزاهية التى يريدها رب الخلق لخلقه، (حرية) شبه مطلقه (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فاليكفر) وديمقراطيه ليبراليه (ذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) وتسامح جميل (أدع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظة الحسنه وجادلتهم بالتى هى أحسن)، اتجه فى (المدينة) الى جانب (التشريع) او (الشريعه) أو جانب (القانون)، الذى هو الحد الأدنى من (الأخلاق)، لكى لا يلغى جدلية التدرج والتطور ولا يهمل (بشرية) الأنسان واهتمامه بالجانب (المادى) وهو ما تمثله (الشريعه)، لكنه ترك الباب مفتوحا للتسامى والعلو ولكى يصبح الأنسان روحانيا مثلما كانت تدعو المسيحيه ومثلما ظهر أسلاميا فى طفرات مبكره ونماذج أقرب للتصوف و(المتصوفه)، ولهذا يقال علي التصوف علم ذوق وعلم (حقيقه)، أى حقائق الأشياء، فكلها خير محض، أما الشر فهو مجرد مظهر ووجه ثانى للخير تقتضيه ضرورة المرحلة وضرورة التعلم والتعرف بصوره علميه وعملية على ذلك الخير المطلق.
ولهذا يرفض انصار (شريعة) القرن السابع أهل (الظاهر) ابيات الشيخ الصوفى بن عربى (قد صار قلبى قابلا كل صورة)، والتى تعنى أنه يرى ربه فى جميع صور الوجود ويطرب لابياته تلك المتصوفه ودراويشهم وتراهم سكارى وما هم بسكارى حينما يستمعون اليها أو الى ابيات سلطان العاشقين بن الفارض (زدنى بفرط الحب فيك تحيرا، وارحم حشى بلظى هواك تسعرا)؟ فذاك علم (ذوق) لم يتح للمهووسين أن ينهلوا من معينه الصافى.
للاسف هذا الدين (الوسط) الذى وزن الكفه بين نقيضين – أو كما يبدو ذلك - ورفض الظلم، أراد بعض من آمنوا به دون وعى منهم ومن خلال فهم ضيق ومنحصر ونفوس  متكدره لا تعرف العدل والمساواة، أن يجعلوا منه دينا (ظالما) وشموليا وديكتاتوريا، يفرض (شريعته) التى كانت فى بعض جوانبها ضرورة مرحله، على المسلمين الذين يتفقون مع نهجهم وفهمهم، وهذا قد يكون جائزا ومبرر، لكن ما هو غير جائز أن يفرضوها على غير المسلمين وعلى مسلمين لا يتفقون مع نهجهم ومذاهبهم، (ليبراليين) واشتراكيين وعلمانيين، ومن يسعى لفرض ذلك النهج خاصة فى عصرنا الحديث هم (المتاسلمون)، الذين نجاملهم حينما نطلق عليهم اسم تيارات (الأسلام السياسى)، وهى تضم الأخوان المسلمين والسلفيين والوهابيه والجهاديين والتكفيريين على مختلف اشكالهم والوانهم .. وتعريفهم الحقيقى والدقيق أنهم (مهووسين) دينيا وأرهابيين ومتطرفين، فكل من يسعى لفرض معتنقه ورأيه على الآخرين بالقوة وبغير الحوار والحجه والأقناع، ويستخدم العنف والسلاح والتهديد ويحشد البسطاء والمحتاجين والسذج وأنصاف المتعلمين، هو مهووس وارهابى يجب أن يوقفه القانون عند حده.
ومن عجب أنهم بعد كل ذلك يسعون لأقناع الناس بأنهم عادلين وأن شريعتهم عادله ويقبلها المسيحى.
ومن خطل القول والكذب والخداع، أن يقال مثل ذلك الكلام وأن المسيحى لا يضار ولو نفسيا بتحكيم (الشريعه) فى بلد هو مواطن (اصيل) فيه تجعله تلك (الشريعه) كما سوف نؤكد لاحقا مواطنا درجة ثانية بل ثالثة، مستغلين صمت المسيحيين والأستجابه لتوجيهات قياداتهم الروحيه للتحلى بالصبر وتحمل الأذى والتزام ذلك المسيحى بحسب تعليمات دينه (المفرط) فى الروحانيه، بألقبول بما لايقبل به وأن يسامح ويسعى لتحقيق السلام مهما تعرض للجور والظلم وانتقاص لحقوقه. ومن ناحية موضوعية اذا كان المسيحى مقتنع بأن (الشريعة) الأسلاميه عادله ويقبل أن تكون (التشريع) الوحيد والدستور الحاكم فى بلده، فلماذا يبقى على مسيحيته ولا يتحول للأسلام؟
اما بالنسبة (لليبرالى) والأشتراكى والعلمانى، فما هو الشئ الذى يجعله يؤسس حزبا يدعو لبسط الحريات ولفصل الدين عن الدوله ولتحقيق العداله الأجتماعيه للطبقات المهمشه والفقيره، عمال ومزارعين ويسعى للفوز فى الأنتخابات ويعد برنامجا ويطرح حلول لمشاكل المجتمع اقتصاديه وأجتماعيه وسياسيه وفنية ورياضيه، اذا كان يقبل (بالشريعة) دستورا، وأاذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تكتفى الأحزاب كلها بحزب واحد يسمى الحزب الأسلامى؟ أو حزب (الشريعة الأسلاميه)؟
انه تزييف للحقائق بادعاء اؤلئك (المتشددين) الذين نسميهم (تيار اسلامى)،  بـأنهم احزاب مدنيه، ذات مرجعيه اسلاميه، فى الحقيقه هى احزاب دينيه، لا تعترف بمدنية الدوله وبالمواطنه المتساوية، فكل مسلم اذا كان مؤمنا بالديمقراطية  يجب أن تكون مرجعيته فى (نفسه) ومع خالقه اسلاميه، ومن حقه أن يتعبد كما يشاء وأن يراعى ضميره وأن يأكل الحلال، لكن (الحكم) والدستور يجب أن يكون مدنيا وديمقراطيا يعترف بدولة (المواطنه)، التى لا تعرف شئ اسمه (اغلبيه) و(أقليه) بحسب دينهم، بل يتساوى فيها كل الناس، مسلمين ومؤمنين وهم معتنقى الأديان السماويه، ولا دينيين أو من يتبعون اديانا غير سماويه، وأن يتلخص كل ذلك فى مفهوم (الدين لله والوطن للجميع)، وبخلاف ذلك لا يتحقق عدل فى دوله ولن تتقدم أو تنتصر وتبقى دائما فى كبد.
أما (حكم الله) الذى يتمسك به اؤلئك (المهووسين) الوارد فى الآيه (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، ويظنون جهلا مقصود بحكم الله (الشريعه)، مع ان الآيه فى نهايتها تتحدث عن (الظلم) الذى يقابل (العدل)، فالمقصود فى حقيقة الأمر(العدل) لأنه ثابت فى كل العصور والآزمنه والشرائع متغيره، ولأن (العدل) اساس الحكم كما يقولون و(العدل) اسم من اسماء الله، لا (الشريعه)، التى لها عدة تعريفات واشكال وصور، واحكام ومقاصد ومبادئ تختلف من طائفة لطائفة ومن مذهب لمذهب ومن عصر لعصر ولا يمكن أن يتفق عليها الكل ولا يمكن أن يحسم امرها الا بالعنف واشهار السلاح و(القوى يأكل الضعيف) ولدينا العديد من الأمثله فى بدايات الاسلام كالصراع والحروبات التى دارت بين (على) و(معاويه)، وغالبية المسلمون يتجنبون الفصل فيها وتوضيح مع من الحق من باب عدم انتقاد الصحابه، مع أن الحق واضح والباطل واضح، ولا يمكن أن يحكم الأنسان بحق لطرفين متنازعين فى وقت واحد.
واسماء الله وصفاته، هى المنوط بالمسلم التقرب بها اليه، والتخلق بها و(تطبيقها) قدر استطاعته، فأسمائه ليس كأسمائنا، رغم انها واضحه وبسيطه، ويبدو لنا نصيب منها، لكن اسماء الخالق وصفاته فى المطلق وفى طرف الكمال وألأنسان مقيد وفى طرف النقص.
فالله عادل ورؤوف ولطيف وخبير، لكن عدله ولطفه ورأفته وخبرته مطلقه وكامله وغير محدوده، والأنسان لطيف وروؤف وخبير لكنه مقيد وناقص ويسعى لأخذ حظه من المطلق على الدوام سائر الى ربه كما تقول الايه (يا ايها الأنسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه) ويقول المتصوفه (وعند المنتهى شد الرحال)، أى كلما قطع السالك مسافة ووصل الى منطقه متقدمه فى قربه من الله وهى مسافات لا تقطع على ظهر براق وأنما بالتخلق بأخلاق الله، اعتبر تلك المرحله بدايه جديده للأنطلاق نحو مرحله أكثر قربا وأكثر تحقيقا للاسماء والصفات.
لذلك فحكم الله (المطلوب) من المسلم لا (الشريعه) وأنما (العدل) وعن ذلك العدل تقول الاية (ولايجرمنكم شنآن قوم الا تعدلوا، اعدلوا هو اقرب للتقوى)، و(واذا حكمتم بين الناس فلتحكموا بالعدل) ، بالطبع لا يقصد به حكم القاضى أو (المحكمه) فحسب، وأنما الحكم المطلق فى الحياة للتعامل مع كل (الناس)، دون أن نتسبب فى غبنهم أو التقليل من شأنهم وأنتقاص حقوقهم، فهذا هو حكم الله الذى يحوله البعض فى جهالة الى (الشريعة) الأسلاميه، لكى تطبق فى بلد فيه أكثر من 10 مليون مسيحى، يحسب (المتاسلمون) انهم عادلين معهم، وان الله راض عنهم بظلمهم لهم .. وهذا ما جعل الجنوبيين ينفصلون فى السودان بضغط من النظام الحاكم وبأصراره على شريعة (القرن السابع)، وهذا ما سوف يحدث فى مصر، وفى كل بلد يفرط اهله فى وحدتهم الوطنية ويقبلوا بتطبيق دولة (الشريعه) لا دولة (المواطنه).
والمعنى المأخوذ من الايه (ان الدين عند الله الأسلام) يحتاج الى فهم عميق والى نظرة تأمل، فالاسلام هو البداية والنهايه منذ لدن آدم، وكل نبى أو دين كان يمثل مرحله من الأسلام، لكن (المرحله) الأخيره التى تحقق (عند الله)، بدأت بمحمد (ص) ولن تكتمل الا بعودة المسيح، الذى يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا، ويفك التعارض بين الأديان لا كما يظن البعض أن يقوم بكسر الصليب بمعنى الأعتداء على اصحاب الديانات الأخرى فهؤلاء كلهم اصحاب ديانات شرعها الله وهى مرحله من مراحل الأسلام فى الطريق الى أن تصل كلها الى (الأسلام) الكامل الذى هو (عند الله)،ولذلك آثم من لايعاملهم كما يعامل المسلمين واثم من ينتقص من حقوقهم الدنيويه، فالحساب فى الآخره (عند الله).
والآيه التى تقول (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا)، لا يستطيع ان ينكرها عاقل، لكنها لا تعنى (اكتمال الأسلام) كما هو (عند الله) فى تلك اللحظه، ولو كان الأمر كذلك، فلماذا طلب الرسول (ص) من المسلمين أن يدعو له، عند نهاية كل آذان (باللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمه، آت سيدنا محمد الوسيله والفضيلة والدرجه العاليه الرفيعه وارزقه المقام المحمود)، وقال عنها (إن عند الله درجة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد) .. الشاهد فى الأمر تلك الآيه (اليوم اكملت لكم دينكم) تعنى (بداية) أكتمال الدين وتعنى انقطاع الوحى (جبريل) وتعنى وعدم الحاجه لأرسال انبياء جدد، فقد أوصلت السماء كلما تريد توصيله لأهل الأرض من أخيرهم، أى عبر محمد (ص)، وفيما هو موجود فى دفتى المصحف.
ولو كان اؤلئك (المتشددين) صادقين ولا يتعاملون مع امور الدين كما يبدو لهم فى الظأهر دون نظرة تأمل وتعمق، لطرحوا على انفسهم سؤالا من خلال تلك الايه (لا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا)، هل هم فعلا عادلين كما طالبهم ربهم، مع (المسيحيين) حينما يفرضون عليهم نظام حكم (اسلامى)؟
وهنا لابد أن نبين تعريف (الشريعه) من منظور الأسلاميين .. فالشريعة لغة هى مورد الماء، ويقال عندنا فى العاميه بأن (فلان)  ذاهب (للمشرع) أى للمكان الذى يأتى منه بالماء.
أما فى الفهم (الاسلامى) الشائع فى كتب الفقهاء والمفسرين، فالشريعه تعنى (منهج) اسلامى، يتكون من العقيده مثل وحدانية الله والأقرار بأنه الرازق والمعطى والمحى والمميت، وعبادات من صلاة وصيام وحج وزكاة، ومعاملات مختلفه وفى هذا الجانب يدخل التشريع والحكم، والحدود، اضافة الى ذلك فهى تعنى (بالأحوال الشخصيه) للمسلمين .. وما هو ملاحظ عدم وجود أدنى مشكله عند العديد من (الليبراليين) المسلمين خاصة فى (مصر) – بوعى أو لا وعى -  مع كآفة جوانب تلك الشريعه ، خاصة العقدي والتعبدي منها وما يرتبط بعلاقة الأنسان الخاصه بربه، لأنها لا تؤثر فى الآخر ولا تسبب له ضررا ولا تتعارض مع حريته الشخصيه، وأن كانت تحتاج الى تطوير والى فهم أعمق يبحث عن الهدف من وراء الأئمان والعباده، فأى عمل لا يدخل فيه (الفكر) هو فعل عبثى لا قيمه له ولا روح .. والعبادات فى غالبها اصبحت تؤدى اليوم دون تفكر ودون تلك الروح وأنما على نحو شكلى ومظهرى يصل حد التنطع، فمن يتدين يهتم بلحيته وشكله والزى الذى يرتديه أكثر مما وغر فى قلبه، ومن يصلى يريد أن يعرف الناس أنه مصل، بغرة حقيقيه أو مصنوعه، ويتعامل مع الصلاة كعبء ثقيل يسعى للخلاص منه حيث يؤديها وهو مشغول بالدنيا وفى سرعة الضوء، وفى ذات الوقت تجد الأذآن يستخدم فى كثير من الدول المسماة (اسلاميه) مكبرات صوت مزعجه ويرفع المؤذن صوته عاليا دون داع ودون أن يوجهه أحد، بأنه ربما يتسبب فى ارهاق مريض ظل مساهرا يعانى من ألارق او معتنق ديانة أخرى يسكن فى بيت مجاور للمسجد، ظل يعمل طول الليل وعاد لتوه ودخل فى نوم يريحه لكى يعود مرة اخرى نشيطا لعمله، مع ان ذلك المسجد تجد على مسافة ليست بعيده منه مسجد آخر، فلا يحتاج أن يسمع غير من هم أقرب للمسجد الأول والغرض الأساسى من (الاذان) فى مكان مرتفع قبل أختراع مكبرات الصوت وقبل اختراع (الساعات) كان من أجل تنبيه المسلمين بدخول وقت الصلاه، وما كانت المساجد كثيره على هذا الشكل فكان لابد أن يصل صوت المؤذن الى ابعد مسافه ممكنه.. ومن كان صائما فرضا أو تطوعا، أظهر ذلك (بمسواك) وضعه على فمه فى اى مكان، داخل سيارة أجره مشتركه أو أى موقع يجمعه مع الآخرين دون احساس بما يسببه لهم من اذى، وتلاحظ له عابث الوجه حانق وغاضب (يصر) وجهه حتى يكاد أن يقع منه، وكأن ذلك الصيام فرض عليه من شخص آخر لا التزمه بنفسه عن قناعة، ولا داعى للتفصيل أكثر والدخول فى (زكاة) الرسول (ص) التى كانت (العفو) لا الزكاة ذات المقادير المعروفه التى يحاول البعض (التملص) منها بعدة طرق ومبررات، وحتى من يلتزم بها لا يسمح له بتوزيعها لمن هم أكثر استحقاقا لها حسب رؤيته حتى لو كانوا من أهله الأقربين، فالدوله الظالمه اصبحت هى التى (تجبى) الزكاة وتتعامل مع المسلم مثل المسيحى الذى يدفع (الجزية) صاغرا، دون أحترام أو تقدير، وتذهب أموال الزكاة تلك فى احيان كثيره لأغراض غير أغراضها، مثل شراء ذمم والأرزقيه وفى نفرات (الجهاد) الظالمه والكاذبه وتستغل اموالها فى تحقيق رفاهية المسوؤلين والموظفين من أهل الثقه المقربين للنظام الذين وصلت مرتباتهم وحوافزهم عنان السماء، ولا تذهب للفقراء والمساكين وابناء السبيل والمحتاجين حتى لو كانوا من ذوى القربى، وتستثمر اموال الزكاة مثل اموال المعاشيين فى مجالات تجاريه، وفى القروض (بفائده) والمتاجره فى الحديد والاسمنت والعمل على زيادة سعر تلك البضائع باحتكارها، دون أخذ الأذن من اصحاب تلك الأموال.
وعلى كل حال لا توجد مشكله فى أن يتعامل المسلمين بتلك الشريعه فى أحوالهم الشخصيه، فى الموت وفى كيفية غسل الميت وفى الزواج والطلاق والميراث، وأن كانت كلها جوانب تحتاج الى بعض المراجعات والى التطوير، خاصة ضرورة التخلص من الظلم الذى يحيق بالمرأة فى التعدد الذى يقوم به الزوج دون داع أو مبرر، وفى عدالة توزيع الميراث فى هذا الوقت الذى انتفت فيه (القوامه) مثلما انتفى نكاح الأيامى وعتق رقبة مؤمنه وألأفضليه فى السابق، كانت تستند على حماية المرأة بواسطة الرجل ودوره فى توفير رزقها والصرف عليها.
وفى جانب الزواج لابد أن يتطور الأمر فتستبدل المرأة كرامتها وعزتها بالتنازل عن المهر (المادى) ليصبح (معنويا) أو شكليا، ومعلوم أن الرسول (ص) زوج امرأة لرجل بما يحفظه من آيات قرآنيه وأن تسعى المرأة لتبسيط تكاليف الزواج لأدنى درجة ممكنه، وفى ذلك الوقت من حقها أن تشترط حصولها على (عصمتها) فى يدها وهذا جائز حتى فى شريعة (القرن السابع)، مثلما يجوز تزويجها لنفسها بنفسها لمن تختاره دون ولى، كما هو موجود فى مذهب ابى حنيفه ويكفى فقط الأشهار.
اما المشكله الكبرى فهى تقع فى جانب التشريع و(الأحكام) والمعاملات والحدود.
لذلك حينما نقول بأن (شريعه) القرن السابع غير عادله أو لا تصلح لأنسانية هذا العصر، فالمقصود بالدرجة الأولى هذا الجانب الذى لا علاقة له بالعقيده أو العباده، لأنه يؤثر فى المسلم (الذكى) الذى يستخدم عقله وفى غير المسلم، وتفرض علي الأول واقعا لا يتوافق مع (افكاره)، وتفرض على الثانى واقعا لا يتوافق مع معتقداته.
لأن (الشريعه) فى جانب الحكم والسياسة لاتعترف (بالمواطنه) التى تعنى أن يتساوى الناس جميعا فى دوله واحده، دون تمييز بسبب الدين، ومن يفعل خلاف ذلك من المسلمين تعتبره (الشريعة) مواليا للكافرين يجب قتله مثلهم تماما.
وفى الشريعة لا تجوز، موالاة المسيحى أو ولايته على المسلمين، ويبدأ الأمر براس الدوله ويتمدد حتى يصل مدير المصلحه الذى لا تقبل الشريعه أن يرأس المسلمين فى أدنى درجه، ولو تغاضى البعض عن ذلك، فـأنها لا تمثل قناعاتهم الدينيه، وأنما هى ضرورة من الضرورات أو لأظهار (الشريعه) وكأنها تحقق العداله والمساواة مع اصحاب الديانات الأخرى غير الأسلاميه.
صرح احد السلفيين قائلا وهو (صادق) فيما قال وبالطبع لم يأت بذلك الحديث من مزاجه، وأنما من منهج وفهم جيد للشريعه ((نحن نرفض وضع مادة فى الدستور تقول ان مبادئ الشريعه هى المصدر الرئيس للتشريع".

 واضاف مفسرا : (مبادئ الشريعه تتفق مع مبادئ المسيحيين واليهود والبوذيين، والمبادئ العامه لأى دين، هى الحريه والعداله والمساواة، فاين التخصيص)"؟
ذكرتنى عبارة هذا (السلفى)، بخبر كنت قد قرأته على أحدى الصحف الخليجيه، قبل غزو العراق للكويت، يقول الخبر ((أن كويتى احتج واثار مشكله كبيره، لأنه التفت لورائه فوجد (هندى) يقف خلفه لا امامه فى صف الجوازات، فى مطار تلك الدوله الخليجيه)).
فلما حدث (غزو) العراق للكويت على ذلك النحو الفظيع وأحتلالها بالكامل، تذكرت تلك الواقعه، وقلت لنفسى أن الظلم والأفتراء هو السبب فى ذلك، و(المسلمون) اليوم، يحدث لهم كل هذا الضعف والهوان بسبب ظلمهم وطغيانهم، فهذا (السلفى) لا يختلف عن ذلك الكويتى فى شئ، فهو يرفض وضع نص فى الدستور لا ينتقص شئيا من حقه، لكنه يعلن رفضه لذلك النص الذى يقول أن مبادئ الشريعه، هى المصدر الرئيس للتشريع، لأن مبادئ الشريعه كما قال، يعرفها الكثيرون بـأنها الحريه والرحمه والعدل والمساواة، وذلك يجعلها متساويه مع مبادئ المسيحيه أو اى دين آخر. ثم بعد كل ذلك يقولون تلك (الشريعه) لا تفرق بين الناس وتدعو للمساواة وأن المسيحى لا يضار منها، مع انها تأمر المسلم بقتله بمجرد انتهاء الأشهر الحرم وأن يتحصل منه على (الجزيه) وهو صاغر، وأن يؤتى به مقيدا فى السلاسل لكى يشهد بالا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، والبعض يلتزم بتنفيذ ذلك القتل وحينما يقبض عليه، يقف من درسوه وأدخلوا ذلك الفهم المتخلف فى دماغه يتفرجون عليه على الفضائيات، يمسحون على لحاهم الطويله، وهو يحاكم بالأعدام أو السجن الطويل متهما بالأرهاب.
ومن اكبر الأخطاء التى يقع فيها المسلمون الآن لأنهم يفسرون (الشريعه) بحسب مزاجهم، فمنهم من يقول بأن (الشريعه) هى الدين، مع أن الحديث يقول (الدين المعامله)، وبحسب فهمهم فأن (الشريعة) هى (الأسلام)، لأن الأسلام هو الدين مع ان ذات الشخص، يقدم الدليل على ذلك بالايه (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)، وكما هو واضح ، فأن الجزء من الايه الذى يقول شرع لكم (من الدين)، يعنى أن (الشريعه) جزء (من) كل وهو (الدين) أى جزء من (الأسلام)، وليست هى الاسلام كله، والأسلام كدين شامل يحقق السلام والعدل والمساواة بين الناس جميعا، نزل على الأرض قبل (الشريعه) بثلاث عشر سنة وكان خطابه موجها للناس كآفة.
أحدهم قال أنه يريد تطبيق (الشريعه) ومن ضمن ما يسعى لأنجازه هو مراجعة معاملات البنوك ومنع الربا، مع انه غير متخصص فى الأقتصاد وهذا امر لا بأس به ان كان صاحبنا قادر على تطبيقه على نحو صادق، فمن الصعب على دوله فى العصر الحديث الا تتعامل مع بنوك وقروض ربويه، ولا يوجد شئ فى الحقيقه اسمه بنوك اسلاميه وبنوك كافره، هذا مجرد خداع، وعلى من لا يقتنعون بذلك أن يسألوا انفسهم لماذا لا توجد فى دوله مثل (السعوديه) بنوك اسلاميه، مع انها مالكه لبنك (فيصل الأسلامى)؟
وحقيقة الأمر المال فى العالم كله يصب فى النهايه داخل خزائن بنوك ربويه تعمل بالفائدة وغير اسلاميه، ولم يكتف صاحبنا بذلك بل اضاف، بأنه يريد كذلك اعادة النظر فى (التأمين) وتحدث عن تأمين الطائرات والسفن، ومعلوم أنه لا يمكن أن تطير طائرة فى السماء أو تهبط فى اى مطار بدون بوليصة تأمين توضع ضمن مستنداتها، ولم نسمع حتى الآن عن دوله مسلمه صنعت طائرة يمكن أن تحمل المسافرين من بلد لآخر، حتى يستطيع المسلمون فرض (شريعتهم) فى هذا الجانب اذا كانت صحيحه أو خاطئة.
بالطبع ليس بالضروره أن نكن مقتنعين بكلما استعرضناه من معلومات فى هذا الجانب راينا من المفيد استعراضها، لأن غالبية المسلمين  يتعاملون بها اليوم دون وعى عميق أو معرفه دقيقه، على الرغم من انها تحتاج الى تطوير فى معظم جوانبها وهذا ما يسميه البعض (اجتهادا)، وأكثر ركن يحتاج الى التطوير هو شريعة الأحوال الشخصيه، وهذا امر يتطلب شرح مستفيض، ليس هذا مكانه، فالسؤال المطروح هنا ونسلط عليه الضوء هو .. !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق