الجمعة، 14 فبراير 2014

لماذا نعارض؟



لماذا نعارض؟
سودانيين كثر – ونحن منهم - عارضوا هذا النظام منذ اول يوم سمعوا فيه صوت الشؤم معلنا بيانه الأول، يسألون أنفسهم فى حزن والم وحسرة واسى (لماذا نعارض) اذا كان الحال كما نرى من قادة المعارضه فى القوى (الحديثه) ورموزها فى مختلف الأتجاهات الذين يعول عليهم كثير من السودانيين فى قضية (التغيير)، فالمعارضه العجوزه الهرمه اصلا لا أمل فيها ولا رجاء بعد أن باعت الوطن وشعبه بثمن بخس لم يهمهم انهم كانوا مفوضين من الشعب وحصلوا على اكبر عدد من المقاعد فى آخر انتخابات حرة وديمقراطيه ونزيهه، فاختاروا الدنئيه والفتات الذى يرميه لهم نظام (المؤتمر الوطنى) من وقت لآخر فى شكل جنيهات لا تغنى ولا تسمن من جوع، ولم يكتفوا بعد أن شاخوا وأقتربوا من (القبر) بالرضوخ للنظام وحدهم، بل  اقحموا معهم ابنائهم وعشيرتهم ومريديهم فى التماهى  مع النظام و(التخلل) داخل جسده وكأنهم يريدونه جاثما على صدر الوطن لمائة عام.
الشاهد فى الأمر تلك المعارضه (الشائخه) لا تهم الشرفاء فى شئ ولا تعنيهم، لكن أن يهمش اؤلئك الشرفاء من قبل (المهمشين) وأن يسعى قادة القوى الحديثه ومن يدعون لسودان جديد لخلق نوع من الألفه والتقارب مع رموز وكوادر السودان القديم بكلما فيه وفيهم من قبح، وبعد أن شاركوا فى الدماء التى سالت جداولا وصمتوا على الفساد بدعوى (التوافقيه) والرؤية القوميه الشامله .. وحتى اذا صدقت النوايا وصحت تلك الرؤى، فهل يعقل أن يكون الأحتفاء والتكريم والأهتمام والتقديم والوضع فى الصفوف الأولى (للأسلاميين) أعداء الديمقراطيه  والأنسانية  وحقوق الأنسان ودولة المواطنه ولسدنة السودان (القديم) مع تجاهل متواصل و(مستفز) للشرفاء الذين لم يبيعوا وطنهم أو شعبهم فى يوم من الأيام بثمن رخيص من أجل مصالحهم الشخصيه بل ضحوا بكل غال ونفيس وبالمال والأبناء بل بأدنى مقومات الحياة الطبيعيه التى يعيشها كل انسان وكان بمقدورهم أن يفعلوا وأن يغتنوا وأن يستمتعوا بالحياة وأن يركبوا العربات الفارهه وأن يحصدوا المال (السائب) الدى يوزع على كل ارزقى ومأجور وفاقد ضمير يقول (نعم) بلسانه وصمته واشارته و(سبحته) .. كان بمقدورهم أن يسائروا النظام (تكتيكيا) لفترة من الوقت كما فعل الكثيرون وبعد أن يشبعوا أو يفتقر النظام كما هو الحال الآن ويوقف منحه وهباته وعطاياه، يخرجوا عليه منتقدين ويرتدوا سترة الشرف والبطوله، كما ارتدوا من قبل سترة (الدين) فيجدوا التكريم والتقدير من المعارضين .. الذين يتحدثون عن مشروع (سودان جديد) وللأسف يعملون للوصول اليه عن طريق (السودان القديم) وآلياته ورموزه!!
وكأننا فى السودان جبلنا على معاداة وكراهية الشرفاء الأطهار ومن لم يتلوثوا قط ولم تتلطخ اياديهم بدماء الأبرياء والمظلومين والمسحوقين والمهمشين ولم يعرفوا طريق الفساد .. وكأننا فى السودان لا نقبل من لم يسجد لصنم قط ومن ظل محافظا على (عذريته) السياسيه، فهدا زمان تنكح فيه المبادئ مثلما كانت  تنكح النساء فى الجاهلية والسنوات التى تلتها (مثنى وثلاث ورباع) وما ملكت الأئمان ، واذا رضى الشرفاء بهذا الوضع يصبح حالهم مثل النساء (الظلاميات) اللواتى لا زلن يقبلن ذلك الأضطهاد!
وهل اخطأ الشرفاء فى السودان لأنهم لم ينضموا لحزب (سيدى) أطال الله عمره أو حزب (الأمام) قدس الله سره، ثم بعد أن قضوا وطرهم تقاربوا مع نظام لم يرفضوه من البداية (فالمنهج) واحد ومتشابه، اذا كان جمهورية اسلاميه تقوم على ولاية (الفقيه) أو صحوة اسلاميه (مدعاة) لا تختلف كثيرا مع المشروع الحضارى حتى لو اختلف الشيخ مع تلاميذه ثم عاد ذليلا يقبل بالدنيئه ويغفر عن اساءات وسجون وما لا يغفر فى حقه وحق الوطن وأكد بما نراه هده الايام من حقيقة أن (الأسلاميين) لا أمان لهم حتى لو تسلقوا الكعبه .. هل اخطأ الشرفاء لأنهم لم يفعلوا مثل اؤلئك (دعاة) المعارضه ثم ولوا وجوههم نحو المهاجر والمنافى فى مختلف البلدان لاجئين ومغتربين ومجنسين يعارضون على طريقة الأكل بالشوكه والسكين أو كما يلعب (مهند الطاهر) فى الهلال فيجدوا التقدير والأحترام والأهتمام والدعوات لحضور المؤتمرات والندوات ويصبحوا من الحكماء الذين يقرروا (وحدهم) كيف يحكم  السودان ومن يحكمه .. رحم الله جون قرنق ورحم الله محمود محمد طه الذين كان عندهم كبير الجمل!
يقول المثل السودانى (العين بصيره واليد قصيره) .. وهذا والله حال الشرفاء الأطهار يقولون فى سرهم نحن المكتوين بنيران عديده معاديه (وصديقه)، فلقد عارضنا النظام منذ أول يوم أغتصب فيه السلطه وأدركنا بأنه (أنقلاب) لصالح جماعة (الأخوان المسلمين) فى وقت تخبطت فيه العديد من الجهات ولم تعرف حقيقته، لكن الأمر كان فى غاية البساطه والوضوح، ففى مثل هده الظروف تقول الحكمه أبحث عن المستفيد تدرك الجهة التى قامت بالأنقلاب، خاصة والدكتور/ حسن الترابى (المهيمن) على الأسلام فى السودان والناطق باسمه قد تم اسقاطه فى دائرة انتخابيه عرفت باسم دائرة (الأنتفاضه) تجمعت فيها ضده كآفة الأحزاب وتنازلوا لرجل له شعبيه ينتمى للحزب الأتحادى الديمقراطى فاسقطه وأنتصر عليه، ربما هذا هو الذى جعل الدكتور/ الترابى، يقول لاحقا: (قمنا بالأنقلاب لأننا كنا نعلم استحالة وصولنا للسلطه عن طريق انتخابات)، وحديث الترابى لم يكن من فراغ ولابد من وضعه فى اطاره الصحيح والى جانب تعليمات (سيد قطب) التى وردت فى كتابه (معالم فى الطريق) الذى أفتى فيه (للأخوان المسلمين) بالعمل على الوصول للسطه بجميع الصور.
اضافة الى ذلك فالأخوان المسلمين كان موقفهم المعلن رافض لأ تفاقية السلام التى كان من المفترض توقيعها فى شهر يوليو من عام 1989 والتى عرفت باسم اتفاقية الميرغنى / قرنق. لأنها تتعارض مع فكرهم ومنهجهم وتعمل على تاسيس دوله مواطنه مدنيه ديمقراطيه حديثه تمكن أهل السودان من أن يعيشوا متساويين احرارا، ولذلك قال قائد انقلاب الأنقاذ (عمر البشير) فى اول لقاء صحفى له بأنهم استعجلوا توقيت الأنقلاب من أجل ايقاف اتفاقية الذل والعار المزمع توقيعها بين الميرغنى وقرنق والتى رحبت بها كآفة جموع الشعب السودانى ولم يرفضها أو يتلكأ فى قبولها غير الذين ملأت قلوبهم الغيره (السياسيه) وغير من اعماه الله من رؤية الحق والتزامه.
الشاهد فى الأمر عارض كثير من شرفاء السودان – ونحن منهم - هذا النظام القمئ مند اول ليلة كوؤد أغتصب فيها السلطه ورفضنا التطبيع معه لأننا نعرف جيدا منهج الأخوان المسلمين ورؤيتهم للدوله وشكلها وكيف يهيمنون ويمكنون لأنفسهم ويحللون الفساد والعنصريه والأقصاء والتمييز والقتل والتعذيب والتشريد لأنهم فى النهايه موكلين من الله وخلفاء له فى الأرض ومن حقهم أن يفعلوا اى شئ من أجل اقامة دولة (الشريعه) حتى لو كانت كذبا ومتاجرة لا علاقة لها بشريعة أو دين.
وقليلون فى (الأحزاب) السودانيه، خاصة (القيادات) من لم يقبلوا النظام ويطبعوا معه فى وقت من الأوقات، فحتى الحزب الشيوعى دخل فى مؤسسات النظام بعد (نيفاشا) ودخل فيه وأدى قسم الولاء رجل مثل (على محمود حسنين) وآخرين من كآفة الأحزاب والحركات.
رغم ذلك فنحن وكثرون غيرنا (مهمشين) والحمد لله .. وغير مسموح لنا بالمشاركه فى وضع تصور لحل مشاكل الوطن لأننا اخطأنا عندما لم ننضم الى حزب أو جهة معروفه تتعامل مع النظام وتتطبع معه وتحصل على منافع وأموال وقصور وأمتيازات وبعد أن نشبع ونؤمن أنفسنا ومستقبل أولادنا نخرج ونلتحق بالمعارضه فى اى جهة وعندها نجد الأحترام والتقدير وربما أكثر من ذلك .. معه حق الشاعر سيد أحمد الحردلو حينما قال (منعول ابوكى بلد)!
وذلك كله لا يهمنا كثيرا رغم انه يحزننا فمن كانت لديه قضيه يؤمن بها وكان متمسكا بالمبادئ فأنه لا يعارض من أجل أحد أو من أجل منصب أو سلطة أو مصلحه، وأنما من أجل (الوطن) ومستقبل ابنائه .. وأكثر ما يؤسفنا نحن (المهمشين) بواسطة (المهمشين) اننا ظللنا ندعو ونناشد ونصرخ حتى بح صوتنا من أجل تاسيس (كيان اعلامى) معارض، مؤثر وفاعل (اذاعة) كانت أو (قناة فضائيه) ولا أظن العديد من الجهات المعارضه عاجزه من تمويل ذلك العمل الهام ونستغرب لماذا تحجم عن هذا الجانب المهم وتترك الساحه الأعلاميه خاليه للنظام (يبرؤطع) فيها كما يشاء ويستغلها كما يريد ثم يبرر اخطاؤه الشنيعه وجرائمه وفساده من خلال اعلام مكثف غير نزيه يزيد عن الخمس قنوات  فضائيه وعدد من الأذاعات ولو وجدنا منفذ اعلامي واحد بأى شكل سوف نفضحه ونعريه ونبين الكثير من الحقائق الغائبه عن الشعب السودانى الذى لا يفتقد (النخوه) لكنه يفتقد (المعلومه) .. وكثيرون مستعدون للمساهمه والعمل فى هذا المنفذ (اذاعة) أم (تلفاز) بمقابل أو بدون مقابل .. الا يحتاج على الأقل أهل وذوى الشهداء من كآفة الجهات أن يتعرف الناس عليهم وعلى احوالهم وكيف يعيشون؟
آخر كلام:
معارضة بدون اعلام تعنى (استسلام) للنظام!
تاج السر حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق