قليل من الوفاء يا أهل مصر!
ما يؤسف له ويحز فى النفس فى تاريخ
العلاقات السودانيه المصريه أن المصريين أنظمة وأعلاما – دائما - لا يميزون أو يفرقون
بين النظام الحاكم فى السودان وبين شعب السودان وادا حدث خلاف بسيط بين أنظمة البلدين
يتأثر السودانى فورا بذلك
الخلاف من خلال طريقة تعامل السلطات فى المطارات والسفارات المصريه، وفى الغالب
يرفض منحه تأشيرة وأذا منحت
له كانت متبوعة (بتكشيرة) ونظرة ازدراء وأحتقار وكأنه لم يكن سودانى الأمس الذى يمازحه شقيقه المصرى قائلا: (مصر والسودان حتة واحده).
والشعب السودانى الحر الشريف الديمقراطى
كله وقف الى جانب ثورة 30 يونيو المصريه الشعبيه (المبهره) المباركه وربما فرح بها
أكثر من بعض المصريين مثل جماعة (ابو الفتوح) و 6 ابريل ولا يسثتنى من ذلك الشعب الوفى المثقف السياسى غير جماعة (الأخوان المسلمين)
والأسلاميين عامة فى السودان الذين يضمهم مع (اخوان) مصر التنظيم العالمى، والذين تحسسوا جيوبهم وقلوبهم من شدة الخوف والهلع وتجمعوا الى بعضهم
البعض بعض فترة طويلة من الخصام والشقاق خشية من مصير أخوانهم المصرىين .. والشعب
السودانى لم يتخذ ذلك الموقف من زاوية برغماتيه أو مصلحيه، بل فرحا وسعادة لشعب جار
وشقيق استطاع التخلص من قهر وقمع وديكتاتورية الأخوان المسلمين وعدم التزامهم
بالمسار الديمقراطى أو احترامهم للقضاء والقانون خلال سنة واحدة من حكمهم وكان الشعب المصرى سوف
يرى منهم المزيد وما لا يسعه خيال أو يصدقه عقل.
وفى السودان نادرا ما تجد ثلاثه مثقفين أو
سياسيين سودانيين يتآنسون فى السياسه أو الثقافة أو الرياضة، دون أن تكون (مصر)
حاضرة فى أنسهم شاءوا أم ابوا مع انهم يعلمون نادرا ما تأتى سيرة السودان على لسان
المصريين أو اعلامهم بالخير وبحب حقيقى لا حب (مصلحه)!
وكثير من السودانيين حينما يذهبون الى مصر يجدون معاملات سيئه للغايه تترواح بين (عنصريه) وتحقير واستفزاز،
وكثيرا ما تصل مصر شخصية (قامه) سودانيه فى أى مجال فلا تجد اهتماما وتقديرا تستحقه،
لكن (المصرى) مهما صغر شأنه وقلت مكانته تجده يحظى بالكثير من الأحترام والتقدير
فى السودان، رغم ذلك لا
يستطيع السودانيون الغياب عن مصر طويلا اذا كان من أجل السياحه أو العلاج أو لزيارة الأضرحه ومدافن الصالحين
وآل البيت النبوى أو للتسوق ولجلوس على المقاهى المصريه ذات الطابع المميز أو لمتابعة الفعاليات الفنيه والثقافيه ومعارض الكتب
وما هو أعجب من دلك فأن آخرين يأتون (لمصر)
ويعودون منها ويدفعوا اموالا طائله فى تذاكر السفر والحصول على تأشيره دون أن يعرفوا لماذا جاءوا لمصر ولماذا عادوا منها .. حالهم كما يقول الخليجيون (بس)!!
والسودانيون .. أفتقر بلدهم وتقسم وعذبوا وقتلوا وشردوا وعانوا كثيرا وتألموا ولا زالوا يتألمون من وقفة الرئيس
الأسبق (حسنى مبارك) ونظامه الداعمه لبقاء نظام (عمر البشير) فى السلطه والرافضه
لأسقاطه رغم الذى كان
بينهما من عدم ارتياح ومودة، والسبب معروف وهو أن يبقى السودان ضعيفا لا يحكمه
نظام قوى يدافع عن حقوقه التاريخيه ومصالحه، رغم ذلك لم يشمت السودانيون لسقوط (مبارك) بل تذكروا محاسنه رغم فرحتهم بثورتى الشعب المصرى فى 25 يناير و30 يونيو
خاصة الأخيره التى انحاز فيها الجيش المصرى وقائده (السيسى) فى لحظة تاريخية فارقة
لذلك الشعب الذى رفض
ديكتاتورية الأخوان وديمقراطيتهم المزيفه ومتاجرتهم بالدين، ومن عجب أن الذين اساءوا (لمبارك) وشتموه وشمتوا فيه وقالوا فيه ما لم يقله مالك فى
الخمر من السودانيين بعد سقوطه، هم جماعة (الأخوان المسلمين) والأسلاميين عامة من مختلف
الأتجاهات.
الشاهد فى الأمر .. من الطبيعى أن تحدث
اختلافات ونزاعات حول أراض حدوديه تركها المستعمر لشئ فى نفس يعقوب دون حسم بين كثير
من الدول الأفريقيه والعربيه المتجاوره.. والاشقاء فى البيت الواحد أحيانا يختلفون
حول ارض أو ارث بينهما .. ومصر كان لديها خلاف كبير مع (اسرائيل) حول (طابا) تم
حسمه فى هدوء وبالوسائل القانونيه لصالح مصر وكان لدار الوثائق السودانيه دور مهم
فى التوصل لتلك النتيجه، لكننا لم نسمع صحفيا او اعلاميا مصريا خلال فترة ذلك النزاع تتطاول على اسرائيل أواساء لشعبها حتى أنتهى الأمر كما ذكرت لصالح (مصر) رغم عدم تقبل الشعب المصرى لفكرة التطبيع مع أسرائيل
وحتى اليوم.
فلماذا يحدث ما نرى الآن من الأعلام المصرى حول مثلث (حلائب) السودانيه،
وكلى ثقه أن القليلون جدا من بين اؤلئك الأعلاميين من يعرف تاريخ هذه المنطقه وطبيعتها ومتى بدأ النزاع حولها وأغلبهم يظن انها بدأت مع
الحديث الذى سرب عقب زيارة الرئيس (الأخوانى) محمد مرسى غير المرحب بها من شعب
السودان .. وكثيرون من اؤلئك الأعلاميين لا يعرفون نوعية السكان الذين يعيشون في تلك المنطقة وثقافتهم ولغتهم وما يرتدونه من زى وهم يشبهون
تماما من تأتى بهم السينما المصريه فى دور عثمان (الطباخ) و(البواب) الذى لا يدعى فى مناسبات وأفراح (الساده) الكبار فى مصر حتى لا يشوهها بلونه
الأسود ويجعل (المصرى) مضحكه أمام اصدقائه (اللبنانيين) المغنجين اصحاب البشرة
(البيضاء) ولذلك لم يزر مسوؤل مصرى واحد منطقه (حلائب) فأظهر الأعلام المصرى صور
المواطنين هناك حتى لا يتأكد العالم كله من انهم سودانيين اقحاح 100% .. ونحن فى السودان لا حاجة لنا بحديث
محمد مرسى و(حلائب) ليست سيناء والفرق بينهما شاسع.
وما يؤكد سودانية حلائب أن الخرط المصريه
الأقليميه والعالميه المثبته على حيطان مكاتب المسوؤلين المصريين والمعلقه على
جدران المكاتب السياحيه - وحتى وقت قريب - كانت تشير الى أنها تقع ضمن الحدود
السودانيه .. بل أن الخارطه التى انشرها هنا كوثيقة هامة لأول مره مع هذا المقال مأخوذه من صحيفه
قوميه مصريه معروفه هى صحيفة (الأخبار) المصريه بتاريخ 23 /7/2009.
رغم كل ذلك فنحن لا نرفض أن يحل هذا النزاع وديا وبالتى هى أحسن وعن طريق الحق والعدل و(القانون) .. لا
عن طريق الحلاقيم والحناجر والعنتريات والأساءة لكل سودانى يتحدث عن (سودانية)
حلائب، بينما نجد الأعلام المصرى (واخد) راحته يتحدث عنها كما يشاء (مشقلبا)
الحقائق الدامغه.
والشعب الموجود فى (حلائب) منذ الاف السنين سودانى .. والمصريون أنفسهم لا ينكرون ذلك ، لكنهم يقولون أن الأرض مصريه والشعب سودانى وكانت المنطقة تدار
عن طريق (السودان).. والسؤال هنا كيف تخلت (مصر) عن ادارة (حلائب) للسودانيين كما
يدعى البعض ومصر شاركت الأتراك والأنجليز استعمارهم وأدارتهم للسودان كله وفى وقت
لم يكن فيه التعليم منتشر فى السودان كما هو اليوم؟
وأرض السودان بحمد الله شاسعه وكبيره
وواسعه .. والسودانى يمكنه أن يمنحك عيونه بالحسنى لكن (بالقوه) و(بلوى) الأيادى،
والأستفزاز مستعد أن يضحى بحياته، وفى نهاية الأمر الحق حق والأرض والعرض لا يمكن
التفريط فيهما عند من كانت فيه ذرة نخوه (رجوله) .. لكن يمكن بعد اثبات الجهة المالكة لتلك الأرض من
خلال محكمه دوليه أن تنشأ علاقه تكامليه ومشاريع مشتركه يستفيد منها الشعبان وهذا ما يرفضه (المصريون) - دون
وعى - وأخشى أن يأتى يوم يندمون فيه كما ندم العرب من قبل حينما رفضوا الحصول على
نصف (فلسطين) قبل حرب 1948 وألان يبحثون عن 10%من تلك الأرض فلا يجدونه ، مع
الفارق بالطبع بين (حلائب) و(فلسطين).
مرة أخرى الملاحظ أن جميع اللقاءات
والأحاديث التى اجراها مسوؤلون مصريون فى منطقة (حلائب) لم تعرض فيها صور لمواطنى
تلك المنطقه لأنهم سودانيين شكلا ولسانا وثقافة، وكلما فى الأمر أن (مصر) تستغل
ظروفهم الحياتيه والمعيشيه لكى تجعل منهم مصريين فى وقت اهملهم فيه النظام
السودانى ولم يوفر لهم سبل عيش كريم ومدارس لأبنائهم وبنية تحتية للمنطقه
(المهمشه) مثل كثير من مدن وأقاليم السودان.
وللاسف فأن مصر دائما - الرسميه والأعلاميه
- لا تفرق بين النظام السودانى وشعبه،
والدليل على ذلك أن سودانيين كثير الآن يعانون من صعوبة الحصول على تاشيرة دخول لمصر
بعد ثورة 30 يونيو المباركه التى وقفنا الى جانبها ودعمناها وكشفنا الكثير من
الحقائق عن جماعة الأخوان المسلمين فاذا بنا نفاجأ بالجحود والنكران والكثير من الأساءات والعودة مرة أخرى
الى تفاهات وسخافات اعلامى جاهل يدعى
(توفيق عكاشه) و(باحث) ميكافيلى اسمه (هانى رسلان) لا يستحق أن ينسب للباحثين لأنه
كان من مؤيدى نظام (الأخوان) فى السودان بل كان صديقا مقربا لمدير مكتب (المؤتمر
الوطنى) فى القاهره، الذى طرد
بحمد الله من مصر، بينما نجد (هانى رسلان) اليوم يقف فى قوة وشراسة ضد (الأخوان) فى
مصر وهذه ازدواجية معايير وعدم مبدئيه، فنحن ضد الأخوان فى السودان وضد
الأخوان فى مصر وفى ليبيا وتونس وفى كل
مكان ولا ننظر بمثل تلك الأزدواجيه ومن زاوية المصالح، ولا نتمنى لمصر نظاما ضعيفا
مثل نظام (البشير) يجعلها محاصرة ومضيق عليها من المجتمع الدولى وهذا ما كانت تتمناه (امريكا) لمصر فهى أيدت الأخوان ودعمتهم للوصول
للسلطه لا حبا فيهم وأنما لكى تصنفهم مثل أخوان السودان جماعة ارهابيه لا يسمح
بالتعامل معها، والذى اسقط ذلك المخطط ثورة الشعب المصرى التى ساندها الجيش فى 30 يونيو 2013.
وفى أكثر من مرة ذكرت بأن (الظلم) يبرر للمظلوم الاستقواء والأستعانه بأى جهة تساعده فى
الحصول على حقه، فهل ترضى مصر أن يتجه فى يوم من الأيام اى مسوؤل سودانى لعقد
تحالف مع امريكا أو اسرائيل لأن مصر أخذت أرضه بالقوه وبوضع اليد لا عن طريق القانون والحجه والوثائق
والمستندات؟ ولماذا ترفض
مصر الذهاب لمحكمه دوليه يحسم من خلالها هذا النزاع الذى استمر
لأكثر من 50 سنه بينما قبلت أن تفعل ذلك مع اسرائيل عن طيبة قلب ورضاء خاطر، هل لأنها تمتلك جيشا قويا
يتفوق على كآفة جيوش المنطقه وتدعمها امريكا من الخلف؟
الا يعلم المصريون خاصة فى (الأعلام) أن
سبب توجه العديد من السودانيين ذات يوم من كآفة القبائل الى اسرائيل ومواجهة المخاطر، كان بسبب
معانتهم فى السودان وظلم النظام السودانى القامع القاتل وعدم ترحيب مصر (الكافئ)
بهم حينما استجاروا بها وعدم توفر فرص العمل فى أدنى مستوياتها التى توفر لهم لقمة
العيش اضافة الى فساد (مكتب) اللاجئين فى مصر، الذى ازكم الأنوف، ثم أنتهى الأمر بالماساة الأنسانيه والمذبحه التى أدت لأستشهاد أكثر من 50 لاجئا سودانيا فى ميدان (مصطفى
محمود) فى 31/12/ 2005، دون أن يحاكم فيها أحد أو يتحمل مسوؤلية ما حدث أحد وحتى
اليوم؟
نحن لا نريد من (العقلاء) فى مصر التخلى عن
وطنيتهم وحقهم اذا كان
لديهم حقا، لكن عليهم أن ينصحوا المغالين والمستفزين والعنصريين فى مصر أن يحكموا
صوت العقل والا يستفزوا شعب السودان ويسئيوا اليه وان يحذوا حذونا فى
المطالبه بتحكيم محائد لحسم النزاع حول (حلائب) حتى يصبح نموذجا لباقى الدول الأفريقيه والعربيه التى لها خلافات ونزاعات مشابهه ..
فما تفعله مصر فى (حلائب) خاصة خلال هذه الايام يسئ ويستفز كل سودانى حر شريف، وسف تكون له أثار وخيمه فى
المستقبل بين الشعبين يمكن أن تستغل من خلال اطراف خارجيه لا تهمها مصلحة السودان
أو مصلحة مصر.
آخر كلام:
·
نحن لا نمتن على أحد وهذه شيمة الشعب السودانى .. لكن لا أظن الكثيرون فى السودان ومصر يعلمون
بأن أرض السودان ومطاراتها كانت ملاذا آمنا للطائرات المصريه المتبقيه فى حرب 67 حينما ضربت اسرائيل
المطارات المصريه وغالبية الطائرات وهى جاثمة على الأرض.
·
وهل يعلمون بأن (الكليه الحربيه) المصريه خلال تلك الفتره حولت طلبتها
العسكريين للكليه الحربيه السودانيه لتكملة دراستهم وحتى يكونوا جاهزين للقتال اذا أستمر لوقت اطول؟
·
وهناك الكثير والمثير من علاقات الدم والمصاهره والنسب ويكفى مثالا
واحدا وهو أن الرئيس (انور السادات) أمه سودانيه (مشلخه) اسمها (ست البرين)،
وللأسف لا يذكر هذا أحد من
ابنائه أو أسرته .. فاللون (الأسمر) عيب فى مصر و(سبه) كما المح كاتب كبير فى مصر
اسمه (محمد حسنين هيكل) يلقب بالأستاذ!!
·
خرج اعرابى مسافرا فى الصحراء على ظهر ناقته وفى منتصف الطريق وجد
اعرابيا آخرا كاد أن يموت من العطش وليس لديه (ركوبه)، فنزل وسقاه مما لديه من ماء
ثم أبتعد عنه قليلا وترك ناقته بجواره لكى يقضى حاجاته .. فاذا بالأعرابى يمتطى ظهر الناقه وينطلق بها مسرعا غير مهتم بأن يواجه من أنقذه الموت عطشا والمصير الذى كاد أن يواجهه، فركض الأعرابى الذى انقذه خلفه
ورجاه أن يستمع الي طلبه الوحيد عن بعد ، بالا
يخبر من يقابلهم مستقبلا بما فعله، حتى لا تنتهى المروءة بين الناس.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد
تاج السر
حسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق